يقول أحد الدعاة:
دعيت في ليلة من ليالي شهر رمضان إلى لقاء مباشر في إحدى القنوات الفضائية كان اللقاء حول العبادة في رمضان وكان انعقاد اللقاء في مكة المكرمة في غرفة بأحد الفنادق مطلة على الحرم كنا نتحدث عن رمضان.
والمشاهدون يرون من خلال النافذة التي خلفنا المعتمرين والطائفين خلفنا على الهواء مباشرة , كان المنظر مهيبا حتى أن مقدم البرنامج رق قلبه وبكى أثناء الحلقة وكان الجو إيمانيا ما أفسده علينا إلا أحد المصورين كان هذا المصور يمسك كاميرا التصوير بيد واليد الثانية فيها سيجارة وكأنه يريد أن لا تضيع عليه لحظة من ليل رمضان إلا وقد أشبع رئتيه سيجارا.
أزعجني هذا كثيرا وخنقني وصاحبي الدخان لكن لم يكن بد من الصبر فاللقاء مباشر وما حيلة المضطر إلا ركوبها , مضت ساعة كاملة وانتهى اللقاء بسلام.
أقبل إلي المصور والسيجارة في يده شاكرا مثنيا فشددت على يده وقلت وأنت أيضا أشكرك على مشاركتك في تصوير البرامج الدينية , ولي إليك كلمة لعلك تقبلها قال تفضل.. تفضل.
قلت: الدخان.. فقاطعني: لا تنصحني والله ما فيه فائدة يا شيخ قلت طيب اسمع مني أنت تعلم أن السجائر حرام وأن الله يقول , فقاطعني مرة أخرى : يا شيخ لا تضييع وقتك أنا مضى لي أكثر من أربعين سنة وأن أدخن , الدخان يجري في عروقي ما فيه فائدة.
قلت : يعني ما فيه فائدة فأحرج مني وقال: ادع لي .. ادع لي.
فأمسكت يده وقلت تعال معي قال إلى أين , قلت تعال ننظر إلى الكعبة فوقفنا عند النافذة المطلة على الحرم فإذا كل شبر فيها مليء بالناس ما بين راكع وساجد ومعتمر وباكي .. كان المنظر فعلا مؤثرا قلت هل ترى هؤلاء قال: نعم.
قلت جاؤوا من كل مكان بيض وسود عرب وأعاجم أغنياء وفقراء كلهم يدعون الله أن يتقبل منهم ويغفر لهم , قال صحيح .. صحيح قلت : أفلا تتمنى أن يعطيك الله ما يعطيهم قال: بلى.
قلت ارفع يديك وسأدعو لك وأمن على دعائي رفعت يدي وقلت : اللهم اغفر له.. قال: آمين.. قلت : اللهم ارفع درجته واجمعه مع أحبابه في الجنة ولا زلت أدعو حتى رق قلبه وبكى وأخذ يردد آمين .. آمين.
فلما أردت أن أختم الدعاء قلت اللهم إ ن ترك التدخين فاستجب هذا الدعاء وأن لم يتركه فاحرمه منه فانفجر الرجل باكيا , وغطى وجهه بيديه وخرج من الغرفة.
مضت عدة شهور فدعيت لمقر تلك القناة للقاء مباشر فلما دخلت المبنى فإذا برجل بدين يقبل علي ثم يسلم علي بحرارة ويقبل رأسي وهو متأثرا جدا فقلت شكر الله لطفك وأدبك وأقدر لك محبتك لكن اسمح لي فأنا لم أعرفك.
فقال: هل تذكر المصور الذي نصحته قبل سنتين ليترك التدخين قلت نعم قال أنا هو.. والله يا شيخ إني لم أدخل سيجارة في فمي منذ تلك اللحظة..
من فوائد القصة :
على الإنسان ألا يضعف ويستسلم للمعصية مهما كان حجمها فبالاستعانة بالله يقوى ويتغلب عليها .
ـ على الداعية أن ينوع في أسلوبه وخطابه على حسب حال المدعو فالذي ينفع لإنسان قد لا ينفع لأخر (وهذا من فقه الداعية ) .
ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هذه الشعيرة العظيمة التي لو حرص الجميع عليها كلا على حسب استطاعته وقدرته لتغير حال الأمة .
ـ التدخين وما له من أثار سلبية كبيرة على الإنسان في أمور دينه ودنياه .
التعبيراتالتعبيرات